بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القصة كما حكاها الدكتور صفوت حجازي
عام 1957 ..رجل بقال تركي مسلم يدعي عم (إبراهيم) 50 عام (تركي لا يعلم من العربية الكثير و بقال أمي لا يحمل من الشهادات كما نحمل) كان يمتلك دكان للبقالة في عمارة تسكن بها أسرة يهودية في فرنسا). كل صباح ترسل الأسرة ابنها (جاد) 7 أعوام لشراء البقالة و يذهب الطفل لشراء البقالة و لا ينسي أن يسرق باكو شوكالاته من دكان عم إبراهيم.
و تستمر الأيام و كل يوم يذهب جاد لشراء البقالة و لا ينسي أن يسرق باكو الشوكالاته.
حتى جاء يوم اشتري فيه جاد البقالة و نسي أن يـــســـــرق لــــوح الشوكالاته و حينما هم بمغادرة الدكان ناداه عم إبراهيم ممسكا بلوح الشوكالاته و هو يقول "نسيت أن تسرق باكو الشوكالاته يا جــاد".
فزع جاد و سأل عم إبراهيم "أكنت تراني كل يوم؟" أجابه عم إبراهيم "نعم و هذا هو باكو اليوم" فوعده جاد ألا يسرق شوكالاته بعد ذلك و لكن عم إبراهيم قال"عدني ألا تسرق أبدا لأنه يمكن تسرق و تظن أن من تسرقه لا يراك و هو يعلم جيدا ما تفعل..و لكن لأني احبك فلن أسلمك للشرطة".
فوعده جاد ألا يسرق أبداً و أصبح كل يوم يشتري البقالة ثم يأخذ باكو شوكالاته و يقول لعم إبراهيم "لقد أخذت باكو شوكالاته " ثم ينصرف.
من اجل هذا التعامل الرحيم توطدت العلاقة بين عم إبراهيم المسلم و جاد الطفل اليهودي.
و السؤال هنا هو كيف تصرف المسلم مع سرقه الطفل اليهودي و في بلادنا حادثة شهيرة لأب مسلم جدد دهان حوائط منزله و عندما عاد مرة إلي المنزل بعد العمل وجد طفله خمس سنوات يكـتـــب بالقلم الرصاص علي حائط في البيت فما كان منه إلا أن أخذ يضربه علي يديه حتى تورمت يدا الطفل و انتظر أهله أن تشفي اليدان إلا أنها ازدادت تورما .. وأزرق لونها .. فذهبوا إلي الطبيب الذي اخبرهم أن نزيفا قد حدث و يجب بتر اليدين..وعندما استيقظ الطفل من البنج و لم يجد يديه اخذ يقول لأبيه"أعدك يا بابا ألا أكتب علي الحائط مرة أخري و لكن أعد لي يداي" فما كان من الأب إلا أن أخرج مسدسه و انتحر أمام بكاء طفله.
نعود لقصتنا الأصلية و قد لاحظنا اختلاف طريقة التربية و نتيجة كل منهما.
توطدت العلاقة بين عم إبراهيم و جاد حتى أصبح جاد يحكي لعم إبراهيم كل أسرار البيت بل و كل مشاكله الشخصية (تخيلوا هذا) و كان عم إبراهيم يستمع لجاد بانتباه شديد ثم يفتح درج مكتبه و يخرج كتابا يطلب من جاد أن يمسكه ثم يغمض عينيه و يفتح الكتاب علي أي صفحتين ثم يعطيهم لعم إبراهيم الذي يقرأ في صمت ثم يغلق الكتاب و يضعه في الدرج و يبدأ في مناقشة جاد حتى يصلا إلي حل المشكلة.
مرت الأيام و السيناريو نفسه يتكرر باستمرار.. وكبر عم إبراهيم سبع و ستين عام و كبر جاد أربع و عشرين عام و كبرت العلاقة بينهما.
و مات عم إبراهيم ... و في وصيته ترك لأبنائه صندوقا أمرهم أن يسلموه لجاد جارهم اليهودي.
و توجه الفتية لجاد ليسلموه الصندوق و ليخبروه بوفاة عم إبراهيم .. وحينها بكي جاد كثيراً و نسي الصندوق و أخذ يهيم على وجهه في الشوارع حزناً علي عم إبراهيم ..و نسي كل شيء عن الصندوق.
و مرت شهور حتى تعرض جاد لمشكلة كبيرة جداً.
أخذ جاد يفكر في حل فلم يجد .. فتذكر عم إبراهيم فقال في نفسه "آه لو كنت هنا يا عم إبراهيم كنت ستسمعني و كنت ستفتح الدرج و تخرج الكتاب و أغمض عيني و افتح الكتاب و تأخذه تقرأ الصفحتين و نجلس لنفكر في الحل".
و حينها تذكر صندوق عم إبراهيم فأحضره و فتحه فوجد الكتاب فأغمض عينيه و فتح الكتاب ثم فتح عينيه فإذا بها تقع علي اللغة العربية .. هرع إلي صديقه التونسي و طلب منه أن يقرا الصفحتين ثم يعطيه الكتاب ففعل الصديق التونسي فأخذ جاد الكتاب و أخذ يفكر في مشكلته فإذا بالحل أمام عينيه.
و أخيراً سأل جاد صديقه التونسي ما هذا الكتاب؟ و كانت الإجابة هذا هو كتاب المسلمين.. القرآن الكريم.
و أسلم جاد..و أصبح أسمه الدكتور جاد الله القرآني.
و قد قابل الدكتور صفوت حجازي الدكتور جاد الله و سمع منه القصة و سأله لماذا أسلمت فقال الدكتور جاد الله "علمت أن حل المشكلة لم يكن بواسطة عم إبراهيم و لكن كان في الكتـــــاب الذي يقرأه عم إبراهيم ..مات عم إبراهيم و ظل القران الكريم .. فأدركت أنه الحق".
و أصبح الدكتور جاد الله أكبر داعية إسلامي في أوروبا حيث أسلم علي يديه أكثر من ستة ألاف يهودي و مسيحي.
و بسؤاله عن أسعد أوقات حياته يقول الدكتور جاد الله "حينما يسلم علي يدي إنسان" فيخبره الدكتور صفوت "بالطبع فلأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من الدنيا و ما عليها"
فتكون إجابة الدكتور جاد الله "لا والله .. و لكن لشعوري وقتها أنني قد رددت جزء من جميل عم إبراهيم".
يقول الدكتور جاد الله "ظل عم إبراهيم معي سبعة عشر عاماً .. لم يخبرني ما الإسلام ..لم يقل لي أنت يهودي و أنا مسلم.. لم يقل لي أنت كافر.. لم يقل لي حتى ما الكتاب الذي افتحه".
و لنا أن نتخيل ما كان ليحدث لو قال عم إبراهيم لجاد الطفل "أنت يهودي و كذا و كذا" و لكن صبر عم إبراهيم سبعة عشر عام حتى مات و لم يكن يعلم هل يسلم جاد أم لا .. لقد و ضع عم إبراهيم البذرة و كان الإثمار بيد الله عز وجل .. و لعلنا نلاحظ كم من مرات وجدنا صديقاً لا يصلي أو أختاً لا ترتدي الحجاب و بعد أن ندعوهم شهر أو شهرين نشعر بالملل و اليأس و نقول ما فيش فايدة بل و قد نتهمهم بالكفر و الزندقة فينقلبوا أسوأ مما كانوا .. لقد ظل عم إبراهيم يدعو جاد للإسلام سبعة عشر سنة دون أن يقول له أسلم .. لم يتعجل عم إبراهيم و لم ييأس .. ولكنه استطاع بمهارة فائقة أن يربط جاد بالقران .. وضع البذرة و جني الثمرة بعد وفاته .. كان شعاره علي العبد السعي و ليس عليه إدراك النجاح كل من أسلم علي يد د.جاد الله أخذ عم إبراهيم ثوابهم.
بعد ذلك سافر الدكتور جاد الله إلي أفريقيا للدعوة إلي الإسلام .. و بقي فيها عشرة أعوام .. أسلم علي يديه فيها أكثر من ستة ملايين شخص من قبائل الزولو نعم أنت لم تخطئ القراءة.
و لك أن تتخيل ثواب عم إبراهيم.
اللطيف في الموضوع أن الدكتور جاد سأله البعض "لماذا تركت فرنسا و ذهبت إلي إفريقيا؟؟"
و كانت إجابته بابتسامة "أراد عم إبراهيم ذلك" لم يفهم الدكتور صفوت حجازي ذلك فأخرج الدكتور جاد الله مصحف عم إبراهيم و فتح أول صفحة حيث استقرت علي جلدة المصحف رسمه بالقلم الرصاص لقارة أفريقيا و قد كتب تحتها "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" و الإمضاء ... "عم إبراهيم".
و توفي الدكتور جاد الله عام 2003 متأثرا بما أصابه في أفريقيا من أمراض عن عمر يناهز 55 عام تقريباً.
يقول الدكتور صفوت حجازي بأنه وخلال مؤتمر في لندن يبحث في موضوع دارفور وكيفية دعم المسلمين المحتاجين هناك من خطر التنصير والحرب، قابل أحد شيوخ قبيلة الزولو والذي يسكن في منطقة دارفور وخلال الحديث سأله الدكتور حجازي : هل تعرف الدكتور جاد الله القرآني ؟
وعندها وقف شيخ القبيلة وسأل الدكتور حجازي : وهل تعرفه أنت ؟
فأجاب الدكتور حجازي : نعم وقابلته في سويسرا عندما كان يتعالج هناك ...
فهم شيخ القبيلة على يد الدكتور حجازي يقبلها بحرارة، فقال له الدكتور حجازي : ماذا تفعل؟
لم أعمل شيئاً يستحق هذا !!
فرد شيخ القبيلة : أنا لا أقبل يدك، بل أقبل يداً صافحت الدكتور جاد الله القرآني !!
فسأله الدكتور حجازي : هل أسلمت على يد الدكتور جاد الله ؟
فرد شيخ القبيلة : لا، بل أسلمت على يد رجل أسلم على يد الدكتور جاد الله القرآني رحمه الله !!
سبحان الله، كم يا ترى سيسلم على يد من أسلموا على يد جاد الله القرآني ؟؟
والأجر له ومن تسبب بعد الله في إسلامه، لعم إبراهيم المتوفى منذ أكثر من 30 سنة.
و السؤال هنا .. هل تعلمون من أخر من أسلم علي يدي الدكتور جاد الله؟؟
كانت أمه الدكتورة مريام .. نعم .. أسلمت و هو يموت علي ذراعها في المستشفي .. كان عندها 72 عام وقتها.. و لما سألت عن سبب تأخر إسلامها قالت "كنت منذ أسلم جاد في حرب مع عم إبراهيم لأعيد جاد إلي اليهودية .. كل هذه الأعوام كنت سأجن حين أسأل نفسي كيف سيطر عم إبراهيم الجاهل البقال التركي بعد أن مات علي ابني وأنا اليهودية الفرنسية أستاذة علم الاجتماع بالجامعة لا أستطيع السيطرة علي جاد و قد قضي معي أوقات لم يقضي مع عم إبراهيم ربعها "ولكن حين رأيت ابني يموت و أنا أقول له عد إلي اليهودية فيجيبني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله .. و نظراته الحانية تقابل نظراتي المتعجبة .. أدركت حينها أن السر ليس في عم إبراهيم و لكن السر في هذا الكتاب "و أمسكت بالقران الكريم في يدها وتبسمت".
اللهم ارحم عم إبراهيم يا رب
ملحوظة من كاتب السطور السابقة:
هذه القصة لم تحدث في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم و لم تحدث في بلد إسلامي وبطلها ليس عربياً و ليس عالما إسلامياً ..
فقط هو مسلم .. رافق القران في حياته فنصره الله بالقران نصراً مبيناً بعد مماته ..
جدد نيتك في الدعوة إلي الله يومياً و تذكر أنك لست أقل من عم إبراهيم
الإسلام واحد في كل زمان و مكان ...
القران واحد أيضاً.
فقط علينا أن نفهمه جيداً .. وليكن سلاحنا الحلم و الصبر و الحكمة و الموعظة الحسنة .. لنتخلق بأخلاق رسولنا الكريم ..
لنلقي البذرة و لا ننتظر الثمرة ..
و ليكن شعارنا .. على العبد أن يسعي و ليس عليه إدراك النجاح
منقول للأمانة